طرحوا:
ونحن بصدد الدخول إلى صوم يونان، يليق بنا أن نتأمل في آية قيلت عن الملاحين في مواجهة نوء البحر العنيف الذي كاد أن يحطم سفينتهم. يقول الكتاب”فخاف الملاحون وصرخوا كل واحد لإلههوطرحوا الأمتعة التي في السفينة إلى البحر ليخففوا عنهم”(يون1: 5).
ياأحباء الرب، ما أكثر ما في حياتنا من أمتعة تثقل مسيرتنا نحو الملكوت وتعطل انطلاقنا نحو الوطن السعيد. هناك الكثير والكثير من الشهوات والعادات الرديئة التي تعيق إبحارنا ونحن في بحر هذه الحياة رغم اشتياقنا الداخلي للراحة الحقيقية والأبدية. أحمالنا في سفينتنا زائدة عن الحمولة المسموح بها، فالشهوات الرديئة هي تجاوز للاحتياج الطبيعي الذي غرس فينا للقيام بدور حياتنا على الأرض. وكل شيء في مسيرتنا ينبغي أن يكون في نطاق المسموح به لحمله في سفينة حياتنا. ولقد وهبنا الله العقل ليكون هو ميزان لنا لقبول الأحمال المسموح بها لرحلتنا إلى ملكوته. فالطريق الوسط خلص كثيرين، وكما قال معلمنا بولس الرسول:”فإني أقول بالنعمة المعطاة لي، لكل من هو بينكم: أن لا يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي، بل يرتئي إلى التعقل”(رو12: 3). ويرتئي بمعنى ينظر لأمر برؤية داخلية مع الاقتناع بما يرى لتتنفذه.
علينا أن نعمل ما عمله الملاحون لإنقاذ سفينتهم لقد طرحو الأمتعة. كم نحن في حاجة لجلسة هادئة مع النفس لاتخاذ قرار بطرح الأمتعة الزائدة التي تثقل مسيرتنا وانطلاقنا. اجلس مع نفسك بعدما تغلق جميع وسائل التواصل واغلق بابك وكن في حضرة الرب، وقل له أعني لأطرح الآن من حياتي ثقل الأمتعة المعوقة. اكشف لي بروحك القدوس عن ما أبدأ به أولا لأطرحه،واعطني القوة والقدرة للتخلي عنه بلا عائق.
إن الكتاب المقدس هو أفضل مرشد لك في معرفة ماذا تطرح من حياتك فستجد الآتي:
+ “اطرحوا عنكم معاصيكم التي عصيتم بها واعملوا لأنفسكم قلبا جديدا وروحا جديدة”(حز18: 31). ماذا عن طاعة وصايا الرب؟!
+ “اطرحوا كل انسان أرجاس عينيه ولا تتنجسوا”(حز20: 7). ماذا عن أعيننا التي ترى فيما حولنا وما نستعمله في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تصطدم ببضاعة ابليس النجسة التي تلوث كل ما هو جميل ونافع، فنرى ما لا ينبغي أن يرى لعين هي عين المسيح فينا، أخذناها بالمعمودية وتكرست بالميرون؟!. “ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح؟! أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟! حاشا”(1كو6: 15). ويعقوب الرسول يدعنا لهذا بعينه إذ يقول:”لذلك اطرحوا كل نجاسة وكثرة شر”(يع1: 21).
+ “لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه لأننا بعضنا أعضاء البعض”(أف4: 25). نحن نكذب كثيرا ونراوغ أكثر ونزيف أحيانا في أمور حياتنا اليومية.ألم يحن الوقت أن نطرح عنا الكذب بكل أشكاله؟! فالشيطان دعي الكذاب وأب لكل كذاب.
+”فاطرحوا كل خبث وكل مكر والرياء والحسد وكل مذمة”(1بط2: 1). إنها ياأحبائي آفات روحية هي أمتعة الشيطان والذات تثقلت بهاسفينتنا. إنها ساعة الآن لنستيقظ ونطرح عنا هذه جميعا، لنبحر في رحلتا ونصل بسلام. وقد يقول قائل : أنا لا أستطيع أن أعمل هذا كله. نعم، فالرب قال لنا بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا، ولكنحينما نعزم في قلوبنا على طرح هذه الأمتعة الثقيلة المهلكة،وحينما نعلن ضعفنا باتضاع حقيقي أمام الله، وحينما نطلب بإيمان أن يحررنا المسيح من أثقالنا فسوف ننال منه كل ما نطلب. ألم يشجعنا بقوله ألق على الرب همك فهو يعولك؟! هيا بنا لنبدأ دون تأجيل وتسويف العمر باطلا.
ليخففوا:
عندما نبدأ بطرح أمتعة الشيطان والذات والعالم من سفينتنا بمعونة الرب، حينئذ نصبح في يد الرب كأطفال صغار يحملنا على منكبيه ويضعنا في حضنه:”أنا حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إلي”(خر19: 4).
فإذا طرحنا من سفينتنا تلك الأمتعة التي تعوقنا وتغرقنا، فعلينا بان ندع الروح القدس يملأنا بثماره ونحمل نير المسيح الخفيف والهين”احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم، لأن نيري هين وحملي خفيف”(مت11: 29،30). ستصير حياتنا أخف من الريشة. نطير في أعاليالسموات ونحن على الأرض ونكون أحرارا من كل شيء إلا من شخص المسيح محررنا، نصير أحرار من شهواتنا ولذاتنا، أحرارامن عاداتنا ورغباتنا السيئة، أحرارا من الجميع لنربح للرب ونخلص على كل حال قوما. أحرارا من عبودية إبليس والخظية والذات والعالم الذي وضع في الشرير. نرتفع بخفة فوق المعوقات والتلال والجبال وكك علو يرتفع ضد معرفة الله.
يلذ لنا أن نختم بقول حبقوق:”فمع أنه لا يزهر التين ولا يكون حمل في الكروم، يكذب عمل الزيتونة والحقول لا تصنع طعاما ينقطع الغنم من الحظيرة ولا بقر قي المذاود، فإني أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي، الرب السيد قوتي ويجعل قدمي كالأيائل ويمشيني على مرتفعاتي”حب3 :17-19).