+ إظهار لفكر الآب:
“الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر”(يو1: 18). كانت شهوة موسى في القديم أن يرى مجد الله، فبعد حوار الصديق للصديق مع الله إلا أنه لم يكن يرى الرب وجها لوجه مما جعله يطلب صراحة أن يعاين وجه القدير المعبر عنه بمجد الله”فقال(موسى): أرني مجدك… وقال(الله): لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش”(خر33: 18- 20).
ومع أن الله الآب يحب العالم كله ويحب خلاصه، إلا أن الإنسان لم يستطع بعد السقوط أن يتقبل هذا الحب الإلهي الفائق المعرفة من نفسه” لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية “(يو3: 16). وكان عمل الابن الرائع ليظهر لنا هذا الحب الأبوي العجيب بأن أخلى نفسه ليأخذ شكل العبد ويتجسد ويتأنس فيستطيع حتى أقل من في البشرية (العبيد) أن يروا فيه رفيقا وشريكا ومحبا ومخلصا معلنا حب الآب للجميع – كل من يقبل ويؤمن. وهكذا استطاع الله من خلال ابنه الوحيد، أن يحقق ليس لموسى فقط بل لكل البشرية أن يروا وجهه ومجده. وقد أعلن الرب يسوع هذا لفيلبس حينما طلب ما طلبه موسى قديما”قال له فيلبس: ياسيد أرنا الآب وكفانا، قال له يسوع: أنا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يافيلبس، الذي رآني فقد رأى الآب”(يو14: 8،9). ولقد قال الروح القدس بوضوح على فم القديس يوحنا الإنجيلي”أن الحياة أظهرت. وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا”(1يو1: 3).
أنظروا فكر المسيح الابن الوحيد الذي أخلى نفسه من كل مجد سماوي لكي نذوق به ومن خلاله أبوة الآب وحبه وحنانه واهتمامه الشخصي بكل واحد منا. “أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك أما أنا فعرفتك وهؤلاء عرفوا أنك أرسلتني وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم”(يو17: 25،26). فاسم الآب يحمل كل الأبوة الحانية والبذل والعطاء والحماية والإشباع. “انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله”(1يو3: 1). فإن كنا أولاد الله واستطاع المسيح أن يظهر لنا مدى حب الآب لنا ومدى حبه الشخصي لنا حتى مات من أجل خلاصنا، فكيف بعد هذا كله نخاف من أي شيء أو نشك في محبة الله لنا وسروره بأن يعطينا الملكوت؟!” الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا أيضا معه كل شيء؟!”(رو8: 32). فكر المسيح ياأحبائي أن يبذل نفسه بالموت من أجلنا طاعة لحب الآب لنا جميعا، حتى إذا آمنا وقبلنا هذا الحب والعمل نخلص به ويكون لنا قدوم وقبول لدى الله الآب بلا خجل أو خوف”…يسوع المسيح، الذي به لنا جراءة وقدوم بإيمانه عن ثقة”(أف3: 11،12) وأيضا “فإذ لنا أيها الأخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع طريقا كرسه لنا حديثا حيا بالحجاب أي جسده…لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان”(عب10: 19 -22).
+ حب الابن لنا:
فكر الابن تجاهنا ترجمة عملية لحب الآب، فقد أطاع ابيه فأخلى نفسه وأخذ شكل العبد وصار في شبه الناس، وشابهنا في كل شيء ما خلا الخطيئة وحدها. ولد في مذود ليشارك بالحب من يولدوا ويلقون في الشوارع بلا مأوى وعاش فقيرا وهو الغني الذي يفتح يمينه فيشبع كل حي من غناه، لكي بالحب يشارك الفقراء فقرهم. وكان ليس له أين يسند رأسه ليشارك أولاد الشوارع والأزقة والذين ليس لهم سقف يحميهم برد الشتاء وحر الصيف. وبقوة لاهوته التي لا تفارقه قط، جال ومازال، يصنع خيرا ويشفي كل سقم وضعف فينا. كل هذا طاعة لحبه وحب الآب لنا، لقد سبق وأعلن في سفر الأمثال قائلا:”لذاتي مع بني آدم”(أم8: 31) . وظل مشوار طاعته للآب بلا تردد حتى الموت”وأطاع حتى موت الصليب”(في2: 8). ولم يكن هذا إلا من فرط سروره وفرحه بخلاصنا وأن يردنا إلى الأحضان الأبوية في الأرض وفي السماء”من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي”(عب 12: 2).
إن محبة المسيح لنا محبة فائقة المعرفة. فلم يكتف أن يسفك دمه ليخلصنا ويغسلنا ويبيض ثيابنا لندخل إلى الأقداس بثقة، ولكنه أعطانا اسمه وهو المسيح فصار اسمنا “مسيحيين” هكذا ذكر في سفر الأعمال “ودعي التلاميذ “مسيحيين” في انطاكية. ولأنه هو رئيس الإيمان ومكمله فأصبحنا مؤمنين، “لأننا نحن المؤمنين ندخل الراحة”(عب4: 3). بل أكثر من هذا وذاك صار فينا ونحن فيه بثبات اللحم مع العظام” لأننا أعضاء جسمه من لحمه وعظامه”أف5: 30). إن هذا يتحقق لنا دائما في سر الافخاريستيا الذي به نتحد ونثبت فيه وهو فينا”من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه”(يو6: 56). ثم ما أعظم ما بينه لنا السيد المسيح الابن في صلاته الشفاعية الأخيرة للآب”أنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلى واحد”(يو17: 23).
ياأحباء الرب إنه لمن الصعب جدا أن نحد مدى حب واهتمام المسيح وعنايته وحمايته وخلاصه وغناه الذي يريد أن يمنحنا إياه دون مقابل . فقط هو الآن يسألنا أن نقبله ونؤمن به ليدخل إلينا وندخل إليه، نقبله في حياتنا وقلوبنا، يتعشى معنا ونحن معه. اننا نلبسه في المعمودبة ليغطينا بثوب بره، فحذار أن نخلعه فنوجد عراة أمام عيني ابيه والسمائيين. ولن نستطيع دخول عرس الملك إلا وعلينا المسيح شخصيا لكل واحد على حدة، فهو بحق لباس العرس الذي سيسألنا عنه الآب وإلا فالرفض كل الرفض والخروج من لدن الله.
ما أعظم فكرك ياابن الله تجاهنا: وما أسمى مشاعرك نحو جبلتنا التي سقطت فأتيت لتفتديها بتجسدك وموتك وقيامتك وصعودك واتحادك الأبدي بنا. أعطنا أن يكون لنا فكرك الإلهي فنحبك كما أحببتنا وننكر ذواتنا بالإخلاء الحقيقي كما أخليت نفسك ونزلت لترفعنا وتحيينا، ونلتصق بك ونمسكك ولا نرخيك أبدا.
فعلا الحياه قد اظهرت لنا نحن الجالسين في الظلمه لنري نور المسيح العجيب الذي أعطانا نفسه حياه ايديه.ما اجمله.ربنايفرح كنيسته