أنتم شهودي:
حينما يتوجه الوحي الإلهي بالكلام نحونا، فإنه يعني أبعادا إلهية في الكلام. فليس لكل العالم يقول أنتم شهودي. فالعالم يشهد لرئيسه إبليس الذي كان قتالا للناس منذ البدء. ولكن نحن المؤمنين بابن الله، الذي تجسد ومات وقام لأجلنا طاعة لحب الله الآب، وبعمل روحه القدوس الذي أرسله من عند أبيه ليكون فينا ويأخذ من الله ويخبرنا،لنا نحن المؤمنين بهذا كله، يرسلنا كشهود له في هذا العالم المظلم.
نعم نحن الذين آمنا به واعتمدنا به وله واتحدنا بسر حبه في سر الإفخاريستيا بتناولنا المتواتر من جسده ودمه الأقدسين، نحن مدعوون للشهادة له أمام الخليقة كلها. وفي الحقيقة فإن كل مسيحي حقيقي هو شاهد للرب بحياته وسلوكه المسيحي وبكلامه واعترافه بإيمانه الحي بفادينا ومخلصنا يسوع المسيح ابن الله الحي.
فنشهد بالقول الحسن “ليكن كلامكم كل حين بنعمة مصلح بملح لتعلموا كيف يجب أن تجاوبوا كل واحد”(كو4: 6). فأنا كمسيحي لا يخرج العيب من فمي الذي به أعترف وأحمد وأبارك الرب، وبه أتناول جسده ودمه”لا تخرج كلمة رديئة من أفواهكم، بل كل ما كان صالحا للبنيان حسب الحاجة كي يعطى نعمة للسامعين”(أف4: 29).
ونشهد بعمل الخير والسلوك الطيب للجميع دون تفريق بحسب وصية ربنا لنا، فنضيء وسط ظلمة هذا الدهر”فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات”(مت5: 16).
ثم نشهد بقوة الحب الإلهي المنسكب في قلوبنا بالروح القدس تجاه كل إنسان حتى أعدائنا”أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين”(مت5: 44، 45). وصدقوني ياإخوتي أن المحبة أقوى من الموت لأنها هي الله.
وأيضا نشهد بقوة الروح القدس الذي فينا والذي قبلناه في المعمودية وسر الميرون المقدس. هذا يعطي لأولاده قوة الشهادة والاستشهاد حينما تطلب الشهادة ضد المسيح، وإلا فالموت، حينئذ تستنفر القوة الروحية الكامنة في أولاد المعمودية لينطقوا بالحق الذي فيهم أن يسوع المسيح هو الرب الإله”ليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس”(1كو12: 3). ولعلنا عايشنا ونعايش قوة شهادة واستشهاد الأطفال والنساء والرجال بعد إعلانهم عن إيمانهم بالسيد المسيح الذي سفك دمه عنهم وعنا، فلم يترددوا بأن يقدموا دماءهم رخيصة للشهادة بمن أحبهم وأسلم نفسه من أجلهم.
إليكم ياشهداء عصرنا الحديث في الصعيد وليبيا والبطرسية ومارجرجس بطنطا والمرقسية بالأسكندرية وكل بقعة في أرضنا مصر الغالية، إليكم نرسل سلامنا وتحيتنا وحبنا وتطويبنا لدمائكم الزكية التي تقدست بإيمانكم ومحبتكم في الملك المسيح. كم كانت دماءكم المسفوكة لأنكم مسيحيون، أكبر شهادة أمام العالم كله على شاشات التلفاز والإنترنت. نعم وعظنا كثيرا وتكلمنا أكثر لنجتذب بالكاد نفوسا ولو قليلة لطريق الإيمان والرجوع إلى الرب. ولكنكم بجبروت إلهي وفي دقائق معدودة حصدتم للملكوت ألوف النفوس من كل الأمم والقبائل والشعوب. فما أعظم شهادتكم ياأبطال الإيمان!! لقد عمل بكم الروح القدس ما قد عمله بالرسل وبطرس يوم الخمسين، حتى في دقائق معدودات وبكلمات قليلة من فم بطرس الرسول اجتذب ثلاثة الآف نفس للرب. حقا لقد تحقق فيكم قول الكتاب:”أنتم شهودي يقول الرب”(إش43: 10).
ياشهداءنا الجدد، اليوم فهمت كلمات الوحي أنتم شهودي أنها موجهة لي وليس للخدام والشمامسة والكهنة والرهبان. بل هي للعامل البسيط والفلاح والموظف ولربة البيت، للأطفال والكبار والشيوخ. اليوم نقول لك يارب ها نحن أولادك أرسلنا للشهادة وإن أردت فأيضا للاستشهاد. أعطنا بروحك القدوس أن نشهد لك كل يوم ضد الخطية والشيطان والعالم وضد ذواتنا لنموت عنها بذبح أهوائها المنحرفة عن وصاياك”من أجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح”(رو8: 36).
يقول الرب:
كلمة يقول الرب هي بمثابة توقيعه الشخصي على ما يتكلم به. ومن هنا يصير القول مسنودا بما لله من قدرة وقوة وسلطان إلهي. فهو يرافق بروحه القدوس الذين يشهدون له بالكلمة في التبشير والكرازة والعمل بوصاياه حتى إلى الاستشهاد من أجل اسمه. انظروا إلى استفانوس رئيس الشمامسة كيف بعد شهادته أمام اليهود عن السيد المسيح، أنهم حنقوا عليه بقلوبهم مضمرين في نفوسهم قتله رجما بالحجارة للموت، فقد عاين الرب نفسه لأنه كان يرافقه في رحلة الشهادة والاستشهاد،”وأما هو فشخص إلى السماء وهو ممتليء من الروح القدس، فرأى مجد الله، ويسوع قائما عن يمين الله، فقال: ها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الانسان قائما عن يمين الله”(أع7: 55 ،56)، فرجموه وهو يطلب لهم الغفران كمسيحه على الصليب”فكانوا يرجمون استفانوس وهو يدعو ويقول: أيها الرب يسوع اقبل روحي… وصرخ بصوت عظيم يارب لا تقم لهم هذه الخطية. وإذ فال هذا رقد”(أع7: 59، 60).
حينما يقول الرب، فمهما قال فحينئذ يكون. اسمعوه مرة أخرى”أنتم شهودي يقول الرب…أنا هو. قبلي لم يصور إله وبعدي لا يكون”(إش43: 10). ثم اسمعه يقول أيضا عن نفسه”أنا الرب صانع كل شيء ناشر السموات وحدي باسط الأرض. من معي”(إش44: 24)
تعالوا ننظر كيف أرسل الرب تلاميذه البسطاء الذين لا يسمع لهم صوت، أرسلهم كحملان وسط ذئاب وأمرهم قائلا”لا تقتنوا ذهبا ولا فضة ولا نحاسا في مناطقكم، ولا مزودا للطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا لأن الفاعل مستحق أجرته”(مت10: 9: 10). والسؤال على أي شيءاتكلوا فانطلقوا بلا تردد؟! إنه إيمانهم بما قال الرب. وحينما رجعوا من كرازتهم سألهم الرب”حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية هل أعوزكم شيء؟! فقالوا لا”(لو22: 35).
ياأحباء الله، نحن شهود للرب بحسب قوله، وبقوة قوله نشهد وبقوة روحه القدوس وكلمته تستعلن فينا قوة الإيمان للشهادة والاستشهاد.آمين.