+ إيمان ثابت:
ان ايمان كنيستنا، ان السيد المسيح قام بنفس الجسد الذي أخذه بدون خطية من سيدتنا وملكتنا كلنا، والدة الاله القديسة مريم، وهو نفس الجسد الذي عاش به على الأرض وتألم به على الصليب وذاق الموت، وبه دفن في القبر ثلاثة أيام بعد أن حمل خطايانا، وفي القبر أبطل عز الموت، وفي اليوم الثالث قام نافضا أوجاع الموت، اذ لم يكن ممكنا أن يمسك منه، وهكذا قام السيد المسيح بنفس الجسد ولكن في المجد، وبهذا أعاد للبشرية المؤمنة به امكانية القيامة بجسد ممجد”ألذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء”(في 21:3).
+ بعض صفات وخصائص جسد القيامة:
يجب أن نعرف أن جسد القيامة هو جسد حقيقي وليس روحا أو طيفا ولا خيالا، فحينما ظهر السيد المسيح لتلاميذه بعد قيامته وهم في العلية وظنوه روحا، صحح لهم الأفكار التي اجتاحت عقولهم وقال لهم”ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم، أنظروا يدي ورجلي اني أنا هو، جسوني وانظروا فان الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي”(لو 39،38:24)، اذا فجسد القيامة له امكانية أن يظهر ذاته للاخرين بشكل منظور وملموس، ولكنه يخضع لقوانين الحياة الأبديه وليس لقوانين الموت الذي يحكم أجسادنا الترابيه المحدودة الامكانيات”يوجد جسم حيواني ويوجد جسم روحاني …الانسان الأول من الأرض ترابي ، الانسان الثاني الرب من السماء”1كو15: 47،44).
وهو جسد لا تقيده ظروف الزمان والمكان، ولا ينجذب للأرض بتأثير جاذبيتها، وليست لقوانين الطبيعة سلطان عليه، فقد انسحب السيد المسيح خارج الأكفان دون أن تنفك من حوله، وخرج من القبر وتركه وهو مغلق بحجر عظيم وعليه الأختام والجند كانوا يحرسونه، ولم يشعر به أحد قط، حتى نزل ميخائيل رئيس الملائكة ودحرج الحجر عن باب القبر، ليعلن للمريمات والعالم كله، أن المسيح قام من الأموات، فالمريمات لما كن ذاهبات الى القبر، كن يتسآلن عن الذي يدحرج لهن الحجر عن باب القبر” وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر، واذا زلزلة عظيمة حدثت، لأن ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه، وكان منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج، فمن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كأموات، فأجاب الملاك وقال للمرأتين لا تخافا أنتما فاني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب، ليس هو ههنا لكنه قام كما قال”(مت 28 : 1-6). ولقد كان منظر الأكفان الموضوعة كما كانت ملفوفة حول جسد الرب، والمنديل بنفس شكله الملفوف حول الرأس وموجود في موضع الرأس، كان هذا كله دافعا لتعجب بطرس وايمان يوحنا الحبيب” فقام بطرس وركض الى القبر فانحنى ونظر الأكفان موضوعة وحدها فمضي متعجبا في نفسه مما كان”(لو12:24) …”ثم جاء سمعان بطرس يتبعه ودخل القبر ونظر الأكفان موضوعة والمنديل الذي كان على رأسه ليس موضوعا مع الأكفان بل ملفوفا في موضع وحده، فحينئذ دخل أيضا التلميذ الآخر الذي جاء أولا الى القبر ورأى فآمن”(يو 6:20- 8)، كذلك دخل الى تلاميذه وهم في العلية والأبواب مغلقة”ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود، جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم”(يو19:20)… وبنفس هذا الجسد ارتفع صاعدا الى السماء ضد جاذبية الأرض”ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون، وأخذته سحاية عن أعينهم”(أع9:1) … وأيضا سيأتي في مجيئه الثاني بجسد القيامة عينه، وسيكون لنا نحن المؤمنون به أجسادا على شبه جسد مجده، ولذلك سيمكننا أن نلاقي الرب على السحاب كما أعلن هذا معلمنا بولس الرسول”لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء، والأموات في المسيح سيقومون أولا ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء وهكذا نكون كل حين مع الرب”(1تس17،16:4)، أما القديس يوحنا الرآئي فيقول في سفر الرؤيا” هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وينوح عليه جميع قبائل الأرض0 نعم آمين”(رؤ 7:1).
وجسد القيامة ليس له حاجة لأكل وشرب أو زواج، لأنه جسد الحياة الأبدية ألتي ليس فيها موت، فالطعام والشراب والزواج أمور أساسية لبقاء الجسد الترابي على الأرض، وقال مخلصنا”أبناء هذا الدهر يزوجون ويزوجون، ولكن الذين حسبوا أهلا للحصول على ذلك الدهر والقيامة من الأموات لا يزوجون ولا يزوجون، اذ لايستطيعون أن يموتوا أيضا لأنهم مثل الملائكة وهم أبناء الله اذ هم أبناء القيامة”(لو20 : 34-36)، وبولس الرسول يقول”لأن ليس ملكوت الله أكلا وشربا، بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس”(رو 7:14)… وان كان الرب قد أكل أمام تلاميذه بعد القيامة عندما ظهر لهم على بحيرة طبرية، فذلك فقط ليزيل عنهم الشك أنه هو بشخصه، وهذه امكانيات الجسد الممجد أن يفعل هذا دون قيود، وليس لأنه يحتاج الى اكل وشرب.
وهو جسد لايفسد بمعنى أنه لايعتريه تغيير اذ هو جسم سماوي، فلا تهاجمه الأمراض ولا عوامل التحلل التي هي علامات الموت الذي سيبطل كآخر عدو، والقديس بولس الرسول ينير لنا خفايا هذه الأمور فيخبرنا بأنه يوجد “أجسام سماوية وأجسام أرضية لكن مجد السمويات شيء ومجد الأرضيات آخر… هكذا أيضا قيامة الأموات يزرع في فساد ويقام في عدم فساد، يزرع في هوان ويقام في مجد، يزرع في ضعف ويقام في قوة، يزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانيا”(1كو42،40:15- 44) .
وبجسد القيامة يمكننا أن نرى الله عيانا، فقد كانت هذه أمنية محببة لموسى النبي كليم الله، وطلب من الرب وقال له”أرني مجدك”(خر18:33)، فأجابه الرب قائلا”لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الانسان لايراني ويعيش”( خر 20:33)، ولما كرر موسى طلبته، قال الرب له”ويكون متى اجتاز مجدي أني أضعك في نقرة من الصخرة وأسترك بيدي حتى أجتاز، ثم أرفع يدي فتنظر ورائي وأما وجهي فلا يرى”(خر 23،22:33)… ان قيامتنا بالجسد الممجد ستعطينا امكانية معاينة الله”… ولكن نعلم أنه اذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو”(1يو 2:3).
هذه بعض الأمجاد التي لجسد القيامة، أعلنها لنا الكتاب المقدس، ولكن يظل هناك الكثير والكثير مما لانستطيع استيعابه ونحن بعد في جسد الموت الذي صرخ بولس الرسول يريد الخلاص منه فقال:”ويحي أنا الانسان الشقي، من ينقذني من جسد هذا الموت”(رو24:7). فما أعظم قيامة الرب العزيز القوي الجبار القاهر في الحروب، الذي وهبنا جسده المقام لنكون معه في المجد، اخريستوس آنيستي…آليثوس آنيستي، ألمسيح قام… بالحقيقة قام.
كتابة الأب أنطونيوس زكري في مايو٢٠١٣