وأيضا…..لا تحزنوا الروح

,
وأيضا…..لا تحزنوا الروح


كنا فيما سبق قد تناولنا نقطتين فيما يحزن الرو ح، وتكلمنا عن الكذب وهو روح الشيطان الذي ضد روح الحق، وكذلك النجاسة التي هي صفة ابليس فهو الروح النجس، أي ضد الروح القدس أو روح القداسة.
واليوم بنعمة الله نتطرق إلى أمر آخر يحزن الروح القدس جدا، وهوالكبرياء.
+ ألكبرياء:
أول كل شيء لابد لنا أن نعرف أن الكبرياء هي خطية الشيطان الأولى التي جلبت عليه حكم السقوط وبحيرة النار والكبريت. فقد كان من طغمة الكروبيم، وهي من طغمات رؤساء الملائكة المملؤة أعينا، أي مملؤة معرفة”هكذا قال السيد الرب أنت خاتم الكمال ملآن حكمة وكامل الجمال”(حز28: 12)…”أنت الكروب المنبسط المظلّل وأقمتك. على جبل الله المقدس كنت. بين حجارة النار تمشيت. أنت كامل في طرقك من يوم خلقت حتى وجد فيك إثم”(حز28: 14 ،15). ولكن”أنت قلت في قلبك أصعد إلى السموات أرفع كرسيّ فوق مرتفعات السحاب أصير مثل العليّ”(إش14: 13 ،14)،…”هكذا قال السيد الرب من أجل أنه قد ارتفع قلبك وقلت أنا إله. في مجلس الآلهة أجلس… فارتفع قلبك بسبب غناك…لذلك ها أنذا أجلب عليك غرباء عتاة الأمم فيجردون سيوفهم على بهجة حكمتك ويدنّسون جمالك. ينزلونك إلى الحفرة فتموت موت القتلى في قلب البحار”(حز28: 2 ،5 ،7 ،8).
ونلاحظ، ياأحباء الرب، أن الشيطان حينما أسقط حواء وآدم، كان ذلك عن طريق الكبرياء، فقد وجّه قلبيهما إلى التعالي وعظمة الذات بعيدا عن الله، فخدعهما قائلا عن ثمر شجرة معرفة الخير والشر”بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر”(تك3: 5).
والكبرياء ومحبة الأنا، والذات المتضخمة في الإنسان هي سبب الحروب والبغضة والقتل والكذب والرياء وكل أمر بغيض. وهذا ينطلي على الأفراد والجماعات والمجتمعات والدول في العالم، وللأسف حتى في الكنائس. ولاعجب فقد كان هذا في وسط تلاميذ الرب بينما كانوا تحت تلمذته، فكانوا يتحاجون فيما بينهم في الطريق إلى كفرناحوم، في من هو أعظم؟!، فعلّمهم الرب الدرس هكذا”جلس ونادى الإثني عشر وقال لهم إذا أراد أحد أن يكون أولا فيكون آخر الكل وخادما للكل”(مر9: 35). وهكذا أرسى الرب طريقة التعامل في مجتمعاتنا وكنائسنا، إن أردنا أن نعيش في الحب والسلام.
ويعلمنا الكتاب عن خطورة الكبرياء في حياتنا فيقول”تأتي الكبرياء فيأتي الهوان، ومع المتواضعين حكمة”(أم11: 2) ويحذرنا من وجوده بيننا لأنه يسبب الخصام والبغضة”ألخصام إنما يصير بالكبرياء”(أم13: 10). وهو أيضا السبب المباشر للسقوط أمام الشيطان والخطية والعالم الذي وضع في الشرير”قبل الكسر الكبرياء وقيل السقوط تشامخ الروح”(أم16: 18).
كما أن الله بنفسه يقاوم الكبرياء في كل أشكاله على مستوى الأفراد والرؤساء والملوك والدول والكنائس. فعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر كيف تعامل الرب مع كبرياء نبوخذناصّر حينما انتفخ وتعالى في عيني نفسه، جعله الله مثل حيوانات البر يأكل العشب وابتل جسمه بندى السماء حتى طال شعره مثل النسور وأظافره مثل الطيور، وذلك لمدة سبع سنوات حتى اتضع وتاب ورجع عن كبريائه، وأعطانا هذا التقرير الهام جدا لحياتنا فقال:”أنا نبوخذناصّر أسّح وأعظم وأحمد ملك السماء الذي كل أعماله حق وطرقه عدل. ومن يسلك بالكبرياء فهو قادر على أن يذله”(دا4: 37)…”لأن الله يقاوم المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة”(1بط5: 5). ياأخوتي لابد لنا أن نمسك بالتواضع ونتسربل به كما الثوب، أو بالأحرى، نحن الذين اعتمدنا للمسيح قد لبسنا المسيح الذي فيه قوة الاتضاع والوداعة والإخلاء ولفت انتباهنا أن نتعلم منه ما هو ضد الكبرياء”تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم”(مت11: 29).
ولا ننسى ملاك(أي أسقف) كنيسة اللاودكيين المتكبر كيف أنذره الرب لخطورة موقفه المتعالي إذ قال”إني غني وقد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيء، ولست تعلم أنك أنت الشقي والبئس وفقير وأعمى وعريان…إني كل من أحبه أوبخه وأؤدبه فكن غيورا وتب”(رؤ3: 17 ،19). فلنحذر لئلا نكون في كنائسنا نختفي وراء كبرياء التدين الظاهري الكاذب، وأما القلب فبعيد في تعاليع عن الرب:لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها”(2تي3: 5).
وهنا نرى كيف أن روح الكبرياء والتشامخ ضد روح الله الوديع الهادئ. ففي هدوء ووداعة روح الله القدوس، نراه باتضاع عجيب يرف مثل الحمامة عل وجه المياه في بدء الخليقة، وعلى السيد المسيح(الماء الحي) وهو خارج بعد عماده من مياه الأردن”وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه”(تك1: 2). ونسمع بطرس الرسول يتكلم عن”زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن”(1بط3: 4). كما أن السيد المسيح نفسه الذي حل عليه الروح القدس في عماده شهد الكتاب عن هدوئه ووداعته .اسمعه يقول:”هوذا فتاي الذي اخترته، حبيبي الذي سرت به نفسي. أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق. لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفيء حتى يخرج الحق إلى النصرة وعلى اسمه يكون رجاء الأمم”(مت 12: 18 -21).

دعونا ياأحبائي أن نطلب من الرب لكي يعطينا أن نقرر في داخلنا أن ننكر ذواتنا وكبريائنا الباطل، ونضع أنفسنا كل يوم ببذل الذات وقطع الهوى والشهوات الرديئة التي تجذبنا إلى أحضان العدو الشيطان، ونلقي برجائنا بالكامل على أبينا السماوي الكامل، فنجده يرفعنا حينما نتتضع أمامه وأمام الآخرين، ويقيمنا من المذبلة، مذبلة الذات المتكبرة، ليجلسنا مع شرفاء شعبه فنكون رعية مع القديسين وأهل بيت الله.

 

Skills

Posted on

July 24, 2012

Submit a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Share This