لأنادي للمسبيين بالعتق

,
لأنادي للمسبيين بالعتق


+ أنادي:
حينما نعرف من هو الذي ينادي، فبحسب مقامه وشخصه تكون الاستجابة. فالذي ينادي هو ملك الملوك ورب الأرباب، الذي خلق كل شيء، ما يرى وما لا يرى”لأن منه وبه وله كل الأشياء. له المجد إلى الأبد آمين”(رو11:36). هذا هو من قال عن نفسه في سفر الرؤيا”(أنا هو الألف والياء البداية والنهاية. يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي. القادر على كل شيء”(رؤ1: 8).
هذا الإله المنادي العظيم، كله محبة خالصة لنا نحن جنس البشر. وتتعجبوا ياأحبائي أنه يحبنا لسنا لأننا قديسين وبلا عيب، بل أحبنا فضلا”أنا أشفي ارتدادهم. أحبهم فضلا لأن غضبي قد ارتد عنه”(هو14: 4). فإن كان هذا ذكر في العهد القديم، فبالأكثر عبر عنه في العهد الجديد، شخص ربنا يسوع المسيح- له كل المجد- الله الظاهر في الجسد ” ولكن الله بيَن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا”(رو5: 8).
ياأحباء الرب، ما أعظم غنى وحب وكرامة ومجد من ينادينا؟! ونحن تراب وهباء. تأمل معي ياقارئي العزيز، كيف دعا الرب ابراهيم أبا الآباء في صحبة الصديق للصديق أثناء سيرهما معا، وذلك قبل أن ينزل الله قصاصه على شر سدوم وعمورة. اسمع مايقوله الكتاب:”فقال الرب هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله، وإبراهيم يكون أمة كبيرة وقوية ويتبارك جميع أمم الأرض؟!”(تك18: 17 ،18). وبعد محاجاة إبراهيم مع الرب لينقذ لوطا ابن أخيه ومن معه، يقول إبراهيم لله”إني قد شرعت أكلم المولى وأنا تراب ورماد…لا يسخط المولى فأتكلم هذه المرة فقط”(تك18:27 ،32). لذا فنصيحة كلمة الله لنا هي”أليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم”(عب4: 7).
ياللعجب على هذا المنادي الإلهي العظيم لنا، نحن المزدرى وغير الموجود. اسمعه يدعونا لمجد عطائه وغناه غير المستقصى فيقول”أيها العطاش جميعا هلموا إلى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا، هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرا ولبنا”(إش55: 1). وأيضا مناداة الرب يسوع لجميع المتألمين والمتعبين عل مستوى الجسد والنفس والروح، تفرح القلب وتطيب النفس. لم نسمع على مدى تاريخ البشرية كلها من يدعو بهذه المناداة العجيبة”تعالوا إليَ ياجميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم”(مت11: 28). عزيزي المبارك إن كان ظهرك منحني تحت آلامك وهمومك وأثقالك نتيجة خطاياك وإحساسك بالذنب ، إن كان هناك ديون عليك تجاه الله أو الآخرين أوتجاه النفس، فإليك نداءه الحلو”ألق على الرب همك فهو يعولك”(مز55: 22).

+ المسبيين:
إن عدو الخير، إبليس، الشيطان، الحية القديم، رئيس هذا العالم، هو الذي يسبي الإنسان طالما كان في العالم، لأن”العالم كله قد وضع في الشرير”(1يو5: 19). والشيطان يستخدم تجارته التي في العالم. والقديس يوحنا الحبيب يكشف بضاعة ابليس وتجارته في العالم فقال”لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم”(1يو2: 16). وهذه هي أدوات السبي في العالم. والسؤال لنا، هل نحن في سبي لشهوة الجسد في النجاسة والخلاعة والفجور بكل أنواعه، سواء عن طريق الفكر أو الحواس أو ميل القلب؟!. ومظاهر السبي هي تكرار السقوط في خطايا النجاسة حتى ولو لم نرد، لأننا بغبائنا تركنا أنفسنا لإدمان النجاسة بالعادات الدنسة ولمدد طويلة مما جعل الشيطان يجعلنا في أسره. هنا نحتاج وبشدة للتوبة والصراخ إلى الرب ليخلصنا من أسر إبليس ويسبينا، له ليس للعبودية بل لحرية مجد أولاد الله. وقد تكون شهوة الجسد تظهر في شهوة البطن والأكل والشرب. وقد ألمح الكتاب عن أناس مسبيين لشهوة الجسد بالطعام والمشرب”لأن كثيرين يسيرون ممن كنت أذكرهم لكم مرارا والآن أذكرهم أيضا باكيا وهم أعداء صليب المسيح. ألذين نهايتهم الهلاك ألذين إلاههم بطنهم ومجدهم في خزيهم ألذين يفتكرون في الأرضيات”(في3: 18، 19). وهنا تقدم لنا الكنيسة الأصوام على مدى العام لقمع الجسد كما قال بولس الرسول”بل أقمع جسدي وأستعبده حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضا”(1كو9: 27).
أما شهوة العيون، فيقول الكتاب” ألعين لا تشبع من النظر والأذن لا تمتليء من السمع…كل الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن”(جا8:1، 7). ولقد كانت العين أحدى الوسائل التي استخدمتها حواء بطريقة خاطئة فسقطت في الخطية”فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل، فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان”(تك2:6، 7). ونظرة العين بالشهوة أسقطت داود وجلبت عليه خطايا الزنا والقتل، ورغم توبته فقد عانى كثيرا في حياته جراء هذه النظرة الرديئة”وكان وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأة تستحم وكانت المرأة جميلة المنظر جدا…فأرسل داود رسلا وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها”(2صم2:11 ،4). ولهذا حذر الرب من شهوة العيون لأنها تجعلنا سبيا سهلا لإبليس”كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه”(مت5: 28). صلاتنا إليك يارب قائلين: اختن عيوننا بسكين النعمة لتتقدس بك ولك.
والآن حينما نريد أن نتكلم عن تعظم المعيشة، فإنه يعوزنا الوقت لندخل إلى تفصيلاتها. ولكن يكفي أن نقول أن العظمة هي لله وحده لأنه هو الإله العظيم الأعلى من كل عال”لأن فوق العالي عاليا يلاحظ، والأعلى فوقهما”(جا5: 8). فهناك تعظم للمعيشة ولكن ليست من الآب بل من العالم، والعالم سيمضي ويزول. فلا نترك أنفسنا نسبى بالعظمة الخادعة أوننجذب لغير يقينية المال مثلا”لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة”(1تي6: 10). وأيضا أوصى القديس بولس تلميذه تيمو ثاوس منبها”أوص الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع”(1تي6: 17). فلنرجع المجد لله الذي هو مصدره ونكون في مسيرة الاتضاع عظماء بالرب الذي دعي اسمه علينا”وأما من افتخر فليفتخر بالرب”(2كو10: 17). والطريق العملي لكي نسلك في الاتضاع أمام الله أن نشكره دائما على كل ما نحن فيه”أشكروا في كل شيء”(1تس5: 18). ولنضع أمام أعيننا منظر نبوخذ نصَر الذي تعظم في عيني نفسه فضربه الرب وصار مثل الحيوانات لمدة سبع سنوات حتى ندم واتضع وتاب فعاد إله عقله مرة أخرى. إقرأ عن هذا في سفر (دانيال4). والعظمة هي أن يكون الله معنا، كما كان مع يوسف فكان رجلا ناجحا. فكان يوسف عظيما في بيت فوطيفار رغم أنه كان عبدا، وكان أيضا عظيما وهو في السجن . ثم كان عظيما أمام فرعون فصار الرجل الثاني بعده في كل أرض مصر وقال له فرعون”بدونك لا يرفع انسان يده ولا رجله في كل أرض مصر”(تك41: 44).
أحبائي، لقاؤنا في المرة القادمة –بإذن الله- لنكون في رحلة مباركة مع الهنا القوي المحب الجبار المتواضع، لنرى كيف عتقنا ويعتقنا وسيعتقنا.

 

Skills

Posted on

September 24, 2012

Submit a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Share This