و أيضاًالعتق

,
و أيضاًالعتق

…من الخطية:
يلزم أن نعرف أولا ما هي الخطية؟!. فبحسب الإنجيل، يقول معلمنا يوحنا الحبيب في رسالته الأولى”كل من يفعل الخطية يفعل التعدي أيضا والخطية هي التعدي”(1يو3:4).والتعدي-في الواقع- موجه إلى الله، إما بكسر وصيته وعدم طاعته،أو التعدي على صورته في الإنسان سواء كان هذا التعدي موجه لذات الإنسان، فيؤذي جسده ونفسه وروحه، أو التعدي على الآخر بأي نوع.
والتعدي له تبعاته ونتائجه وعقابه في القانون الإلهي العادل. فقد صرح الكتاب المقدس بأن “أجرة الخطيةهي موت”(رو6: 23). وهنا نرى كيف أن الموت دخل إلى الجنس البشري بسبب الخطية(أي التعدي). “من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع”(رو5: 20).
وليس هذا فقط، ولكن الخطية صار لها سلطان السيد كملك على من يعملها ليصير عبدا، سواء رضي أم لم يرض. وهذا هو كلام الرب للبشرية كلها”الحق الحق أقول لكم أن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية”(يو8: 34). “حتى كما ملكت الخطية في الموت…”(رو5: 21).
ولنأخذ مثلا من العهد القديم، وهو شمشون. كيف بعدما كان نذيرا للرب وحلت عليه قوة الروح ليقضي لإسرائيل ويخلص الشعب من الفلسطينيين. ولكن حينما تعدى نذره وكسر الوصية وذهب وراء شهوة الجسد والنجاسة، فارقه الرب”فأخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه ونزلوا به إلى غزة وأوثقوه بسلاسل نحاس وكان يطحن في بيت السجن”(قض16: 21). أما في العهد الجديد فليس أروع من المثل الذي ذكره الرب يسوع عن الابن الضال، كيف أن الخطية أدخلته في العبودية لأصحاب الخنازيرليعمل في حقولهم. وكيف كان يتذلل لعل واحد من هذه الخنازير يترك له فرصة ليملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت تأكله هذه الحيوانات النجسة”فلم أنفق كل شيء حدث جوع شديد في تلك الكورة فابتدأ يحتاج، فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكورة فأرسله إلى حقوله ليرعى خنازير، وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله فلم يعطه أحد”(لو15: 14- 16).
والخطية تميت الجسد مهما كانت صحتة وقوته وشبابه وطول السنين التي يعيشها، فلابد من موت الجسد. فالجسد من تراب وإلى تراب يعود. فهذا ما قاله الرب لآدم بعد خطيته”بعرق وجهك تأكل خبزا حت تعود إلى الأرض التي أخذت منها لأنك تراب وإلى تراب تعود”(تك3: 19). وقد رأينا أن متوشالح وهو أطول من في البشر عمرا أنه في النهاية مات”فكانت كل أيام متوشالح تسع مائة وتسعا وستين سنة ومات”(تك5: 27). ولابد لنا أن نعرف أن المرض بأنواعه دخل إلى الإنسان كظاهرة من ظواهر الموت الذي هو أجرة الخطية. وأصبح الشيطان يستخدمه ليجرب الإنسان كما حدث مع أيوب. وأما الرب فهو الشافي “…فإني أنا الرب شافيك”(خر15: 26).
كما أن الخطية التي دخلت إلى طبيعتنا،هي أيضا السبب وراء إصابة النفس بالعطب بالهم والحزن وكل أنواع الأمراض النفسية الأخرى. تعالوا نسمع أنين داود النبي ” إلى متى أجعل هموما في نفسي وحزنا في قلبي كل يوم؟!”(مز 13: 2). ولو تذكرنا كيف أن الأخ الذي سقط في خطية الزنا مع زوجة أبيه في كورونثوس، ووقع عليه القديس بولس عقابا كنسيا حتى يرجع ويتوب، فيقبلونه ثانية في شركة المؤمنين. نقرأ عن حالته النفسية التي وصفها القديس بولس الرسول أيضا في الرسالة الثانية لكورنثوس لنرى الأثر المدمر على النفس بسبب الخطية هكذا”مثل هذا يكفيه هذا القصاص الذي من الأكثرين حتى تكونوا بالعكس تسامحونه بالحري وتعزونه لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط”(2كو2: 6 ،7).
وأما الروح، فالخطية وراء هلاكها الأبدي.”رجل الظلم يصيده الشر إلى هلاكه”(مز140: 11). وأيضا من تقوده الخطية في الشر يهلك”إجراء الحق فرح للصديق واهلاك لفاعلي الإثم”(أم21: 15). ولذلك نبهنا الرب لنتوب عن الخطية وإلا تهلك أرواحنا”إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون”(لو13: 3).
عتقنا وحررنا:
العتق من الخطية هو الخلاص منها ومن أجرتها ومن سلطانها وكل تبعاتها. وأول شيء يجب أن نعرفه هو أنه ليس خلاص من الخطية والعتق منها، بغير المسيح له كل المجد، وهذا ما أعلنه القديس بطرس أمام الجميع أنه”ليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص”(أع4: 12).
ولعله من العجيب أن الرب لم يكتف بالعتق من الخطية، بل أعطى المؤمنين به، السلطان عليها وعلى أثرها المدمر والمميت على النفس والجسد والروح، وأيضا على الشيطان الذي يقودها ويحركها”وأقام إثني عشر ليكونوا معه وليرسلهم ليكرزوا، ويكون لهم سلطان على شفاء الأمراض وإخراج الشياطين”(مر3: 14 ،15). وما قوة الشفاء من الأمراض الجسدية والنفسية والروحية، التي يهبها الله لأولاده إلا إظهار عمله السلطوي على إبطال الخطية وسلطانها. ولا عجب فالرب يعطينا- وبغنى- سلطانه للعتق من أمراض الخطية وعملها”وجرت على أيدي الرسل أيات وعجائب كثيرة في الشعب…حتى أنهم كانوايحملون المرضى خارجا في الشوارع ويضعونهم على فرش وأسرة حتى إذا جاء بطرس يخيم ولو ظله على أحد منهم”(أع5: 12 ،15).
ياأحباء الرب يسعدني أن أزف إليكم الخبر السار، بخلاص الله لنا، نحن المؤمنين بابنه وروحه القدوس، أن الرب يسوع المسيح، ابن الله الحي بنفسه، قد جاء إالى العالم متجسدا من العذراء القديسة مريم، ومات بنا ولنا على الصليب، وقام لأجل تبريرنا، وبذلك”أبطل الموت وأنار لنا الحياة بواسطة الإنجيل”(2تي1: 10)… وبالنسبة للنفس التي حطمتها الخطية فعاشت في اكتئاب وحزن وعدم سلام حيث قال الكتاب”لا سلام قال الرب للأشرار”(إش48: 22)، فقد أعتقنا الرب من هذا الأثر المدمر على النفس حينما قال لنا”سلاما أترك لكم سلامي أعطيكم ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب”(يو14: 27). بل نعيش في سلام الله “الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع”(في4: 7).
من هذا المنطلق فإننا نفرح بلا عائق لأن الرب قد أعتقنا من الخطية والموت الذي هو أجرتها وكل ما يتسبب عنه”إفرحوا في الرب كل حين وأقول أيضا افرحوا”(في4: 4). ولكن ماذا عن واقعنا الأليم وسقوطنا مرة أخرى في الخطية لسبب وجودنا في جسد الموت هذا؟!. نقول مع الرسول يوحنا”إن قلنا أنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا”(1يو1: 8)، ولكنه يستدرك بفتح باب التوبة والاعتراف وحضور دم ربنا يسوع المسيح للغفران والتطهير”إن اعترفنا بخطايانافهو أمين وعادل حتى يغفرلنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم”(1يو1: 9).
عزيزي القاريء تعال معي نستمع لصاحب الرؤيا في حواره مع أحد الشيوخ الأربعة والعشرين”وأجاب واحد من الشيوخ قائلا لي هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض من هم ومن أين أتوا، فقلت له ياسيد أنت تعلم، فقال لي هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف”(رؤ7: 13 ،14). غسلوا ثيابهم أي آمنوا واعتمدوا للسيد المسيح. أما بيضوا ثيابهم في دم الخروف فهذا عمل التوبة والاعتراف والتناول من جسد الرب ودمه لمغفرة الخطايا ولنوال الحياة الأبدية آمين.


كتابة الأب أنطونيوس زكري في نوفمبر ٢٠١٢

Skills

Posted on

November 15, 2012

Submit a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Share This