أم النور-أم الأولاد الفرحانه

,
أم النور-أم الأولاد الفرحانه

أيقونة السيده العزراء بهيكل كنيسة القديسين مارجرجس وأبو سيفين بسانت كاترين . رسم راعي الكنيسة الأب أنطونيوس زكري


+ ألعذراء التي تلد!!

انها نبؤة اشعياء النبي عن الآية التي يعطيها الرب بنفسه للعالم كله”يعطيكم السيد نفسه آية، ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل”(اش14:7)، وبحسب التقليد فنحن نعلم أن سمعان الشيخ الذي كان ضمن السبعين الذين قاموا بترجمة العهد القديم من العبرية الى اليونانية في أيام بطليموس، وقدموا للعالم ما هو معروف الآن بالترجمة السبعينية، والتي تأخذ منها كنيستنا القبطية الأرثوذكسية جميع قراءاتها الطقسية وتعتمدها كمرجع أساسي فيما يخص العهد القديم، فسمعان الشيخ هذا عندما اصطدم بنبوة اشعياء هذه، فكر في نفسه كيف تكون عذراء وتحبل وتلد؟!، وأراد أن يبحث عن كلمة أخرى تكون مقبولة للعقل البشري، كأن يكتب- مثلا-الفتاة أو السيدة، واذا بوحي من الروح القدس يأمره أن يكتب العذراء، وقال له الروح القدس أنه لن يرى الموت قبل أن يعاين بنفسه هذه الآية، ولقد عاش هذا الشيخ أكثر من مائتي عام حتى تمت النبوة، وهذا يفسر لنا ما نقرأه في انجيل معلمنا لوقا الانجيلي عن سمعان الشيخ الذي حمل السيد المسيح وهو طفل على يديه وبارك الله قائلا”الآن تطلق عبدك ياسيد حسب قولك بسلام، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب”(لو29:2 –31 ).

+ ولقد مهد الرب لهذه الآية باشارات وأحداث وشخصيات مختلفة ليهيء ذهن البشرية لعمله الالهي العظيم، فنجد في العهد القديم أمنا سارة، كيف كانت عاقرا ولم تلد حتى سن التسعين، ثم أعطاها الله اسحق الذي كان اشارة للسيد المسيح المولود من العذراء، وكما كان اسحق يحمل في اسمه معنى الاضحاك والسرور، هكذا جاء السيد المسيح فرحا وبهجة وسرورا للناس” وبالناس المسرة”(14:2).

كما كانت رفقة امرأة اسحق عاقرا أيضا”وصلى اسحق الى الرب لأجل امرأته لأنها كانت عاقرا فاستجاب له الرب”(تك21:25)، ولقد ولدت يعقوب وعيسو، ورغم أن يعقوب كان الأصغر فقد أخذ البكورية من عيسو المستهين بها، وكان في هذا رمزا للسيد المسيح مخلصنا الذي ولد في بيت لحم الصغرى، ودعي ناصريا منسوبا للناصرة التي لم يكن يتوقع أن يخرج منها شيء صالح، ولكنه صار مخلصنا جميعا، وبكر البشرية كلها بقيامته من الأموات.

وراحيل امرأة يعقوب كانت عاقرا، وتمجد الله معها وولدت يوسف الذي يرمز أيضا في كثير من حياته لشخص الرب يسوع المسيح له المجد، فيكفي أن نعرف اسمه الي أطلقه عليه فرعون مصر وهو”صفنات فعنيح”(تك45:41)، ومعناه”ألذي يقوت الأرض”، وجاء المسيح مقدما جسده المكسور على الصليب، ودمه المسفوك، قوتا وخبزا حيا وشرابا محييا لكل من يتناول منه .

هكذا أيضا نرى حنة أم صموئيل امرأة ألقانة، لما كانت عاقرا لا تلد، ثم صلت ونذرت ابنها للرب، أن الرب استحاب لها وأعطاها صموئيل، الذي يحمل في معناه أن الله سمع وأعطى اسمه ليدعى على هذا الطفل، ولقد صلت حنة أم صموئيل تسبحة بالروح القدس تشبه في كثير تسبحة العذراء مريم،”فرح قلبي بالرب، ارتفع قرني بالرب…أني قد ابتهجت بخلاصك…قسي الجبابرة انحطمت، والضعفاء تمنطقوا بالبأس…لشباعى آجروا أنفسهم بالخبز والجياع كفوا، حتى ان العاقر ولدت سبعة وكثيرة البنين ذبلت…ألرب يقيم ويغني، يضع ويرفع، يقيم المسكين من التراب، يرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشرفاء ويملكهم كرسي المجد”(1صم 2:1-10)، وكما كان صموئيل فيه اسم الله وولد من حنة العاقر، هكذا ولد الله الكلمة من العذراء القديسة مريم ليهبنا الحياة والخلاص من أعدائنا ويملك علينا، وعلمنا أن نصلي دائما طالبين أن يأتي ملكوته.

لقد رأى داود بالروح منظر العذراء مريم التي ولدت الله الكلمة المخلص، فتهلل بالروح وقال”من مثل الرب الهنا الساكن في الأعالي، الناظر الأسافل في السموات وفي الأرض، ألمقيم المسكين من التراب، الرافع البائس من المزبلة، ليجلسه مع أشراف شعبه، المسكن العاقر في بيت أم أولاد فرحانة”(مز5:113-9).

وأخيرا يشير الملاك غبريال المبشر الى أليصابات وهي حبلى بابن في شخوختها لأنها كانت عاقرا، ليولد يوحنا المعمدان السابق والصابغ الذي لم يولد في مواليد النساء نبي أعظم منه، جاء ليهيء الطريق أمام مولود العذراء السيد المسيح المخلص .

+ من الجافي خرجت حلاوة:

لقد كانت هذه أحجية شمشون الى الفلسطنيين، ولكنها تشير الى معنى الآية التي أعطانا الله حينما تجسد الابن الكلمة الذاتي من العذراء التي لا يمكن أن تلد دون زواج، كما أن اسم مريم الذي يحمل في معناه المرارة، أخرج لنا منها الرب أحلى ثمرة للخليقة كلها، يسوع المسيح الفادي.

أما موسى مع شعب بني اسرائيل في البرية، فقد أعطى لنا الرب من خلالهم مثلا رائعا يشير الى العذراء مريم التي على غير المتوقع ولا معقول أن يولد منها ماء الحياة، فعند رفيديم في البرية عطش الشعب ولم يجد ماء، وصرخ موسى الى الرب فقال له الرب”خذ العصا واجمع الجماعة أنت وهارون أخوك وكلما الصخرة أمام أعينهم أن تعطي ماءها فتخرج لهم ماء من الصخرة وتسقي الجماعة ومواشيهم، فأخذ موسى العصا من أمام الرب كما أمره، وجمع موسى وهارون الجمهور أمام الصخرة فقال لهم اسمعوا أيها المردة، أمن هذه الصخرة نخرج لكم ماء؟!، ورفع موسى يده وضرب الصخرة بعصاه مرتين، فخرج ماء غزير فشربت الجماعة ومواشيها”(عد20: 7– 11)، ودعا موسى اسم الموضع مسه ومريبة، لأنهم شكوا في كلام الله ولم يصدقوا أن الصخرة اليابسة الصلبة يمكن أن تخرج ماء، ولكن غير المستطاع لدى الناس مستطاع عند الله، وهكذا وفي ملء الزمان ولدت العذراء(ااصخرة اليابسة)ماء الحياة المسيح الهنا.

كذلك عصا هارون اليابسة حينما وضعها موسى مع عصي اسباط بني اسرائيل أمام الشهادة في خيمة الاجتماع، وجدنا عصا هارون اليابسة قد أزهرت وأخرجت ثمرا طيبا، وما هذا الا اشارة أيضا الى القديسة مريم العذراء التي أخرجت لنا ثمرة الحياة، وبواسطتها أعطي لنا المخلص الذي صار بكرا لنا ورأسا للكنيسة، وصارت العذراء التي لم يكن ممكنا أن تكون أما، صارت أم البشرية الجديدة في المسيح ابن البشر، وهكذا تمت نبوءة المزمور عن العاقر التي لم تلد كيف صارت أم أولاد فرحانة.

+ فياأمنا العذراء القديسة ان فيك أجد كل رجاء لنفسي اليابسة التي لا يمكن بدون الله أن تثمر للحياة الأبدية، فقط أسألك أن تذكريني أمام عرش النعمة ليترآف الرب علي ضعفي وذلي ومسكنتي وغربتي في هذا العالم، ويوصلني الى أعتاب الأبدية السعيدة لنفرح جميعا معك بالجالس على عرش مجده، نسبحه ونمجده مع كافة السمائيين الى الأبدآمين.

Skills

Posted on

August 27, 2016

Submit a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Share This