أهل بيت الله

,
أهل بيت الله

أهل

  الأهل هم الأشخاص الذين لهم علاقات تربطهم بعضهم ببعض صلة الدم. وقد تتشعب هذه العلاقات عن طريق النسب، ولكن يظل هناك رابطة الدم التي تصل الأهل ببعض.

  وللعجب، فحينما خلقنا الله بقرار نابع من حبه الذي أرادنا أن نشترك معه في مجده، نفخ في أنف الإنسان نسمة حياة فصار آدم نفسا حية(تك2: 7). وكانت خلقة الاإنسان أروع ما خلق الله، فإنه”على صورة الله خلقه، ذكرا وأنثى خلقهم”(تك1: 27). ولكن الإنسان سقط من هذه الرابطة الإلهية الجميلة بسبب أنه اختار- بمحض إرادته- أن يتعدى وصية الله. لقد كنا في آدم وحواء نمثل الكنيسة الأولى التي صنعها الله لنفسه ونفخ فيها من أنفاسه الإلهية نسمة الحياة. كنا أهل الله نستمتع بحبه وجماله وجلاله وعطائه. وكان آدم وحواء يأكلون من الجنة فيشبعون وتمتلئ نفوسهم بهجة بالرب فيرجعون له بالشكر والحمد والتسبيح. وكنا أيضا في آدم وحواء نستمتع بالمناظر الخلابة في الطبيعة المعجزة التي أبدعتها يد الخالق، فيهتز كياننا كله بالحب الأبوي الذي نستقبله من الله، فلا نكف عن الفرح والبهجة والسرور والشكر والسجود لعظمته في السموات. وكان آدم ابنا حقيقيا لله، وذلك كما ذكره معلمنا لوقا البشير في إنجيله عن أنساب السيد المسيح”بن آنوش بن شيث بن آدم إبن الله”(لو2: 38). ومن هنا يتأكد لنا كيف كنا في آدم أهلا في حضرة الرب الإله. حتى تم السقوط وخرج آدم من الجنة ليعمل في أرض الشقاء بدلا من عمله في جنة الرب جنة عدن.

  ولكن وياللعجب لمحبة الله الفائقة المعرفة، فلم تتركنا محبته للهلاك الأبدي والخروج من معيته كأهل له. لأننا، ومنذ الأزل، في خطة خلاصه ومحبته الأبدية. وهذا ما ترجمه لنا الرب على لسان إرميا النبي مخاطبا البشرية كلها  ممثلة في عذراء إسرائيل قائلا:“تراءى لي الرب من بعيد، ومحبة أبدية أحببتك من أجل ذلك أدمت لك الرحمةلأني صرت لاسرائيل أبا وإفرايم هو بكري”(إر31: 3 ،9). فإن ألله “يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون”(1تي2: 4). من أجل هذا أرسل الله ابنه الوحيد إلى العالم ليعيدنا بواسطة تجسده وتأنسه وأخذ دمنا في بشريته ليطهره من سم الشيطان، الحية القديمة، ثم يسكبه علينا فيطهرنا، ويضخه في عروقنا بسر الإفخاريستا المقدس لنثبت فيه وهو فينا، فنصير بهذا عظم من عظامه ولحم من لحمه”لأننا أعضاء جسمه من لحمه وعظامه”(أف5: 30)“من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه”(يو6: 56)، وبهذا يكون لنا الإمكانية لنعود إلى الله ونكون أهل بيته.

+  بيت الله

  لقد سقط الإنسان من جنة الرب ومن حضرته الإلهية، ولكن بمجيء السيد المسيح وتجسده وموته وقيامته وصعوده إلى السموات وجلوسه عن يمين الآب ، أعادنا- كأبناء لله أبيه- لنكون ليس في جنة الرب، بل عن يمينه ومعه إلى الأبد. فلا عجب أن نسمع صوت الروح القدس على لسان القديس بولس الرسول قائلا”فلستم إذا غرباء ونزلا بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله”(أف2: 19). نعم، لقد صرنا بمحبة الآب ونعمة إبنه الوحيد وشركة الروح القدس، مؤهلين أن نكون في ملكوت الله الخاص بابنه الوحيد المحبوب”شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور، الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته”(كو1: 12 ،13)“وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع”(أف2: 6).

  يالعظمة وغنى حب المسيح له كل المجد- لنا، لقد كانت طلبته الأخيرة من الآب وهو في تجسده على الأرض من أجلنا هي”أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم”(يو17: 24). إنه يريدنا معه وفيه لأنه هو فينا. واتحاده ببشريتنا لم يكن عملا مؤقتا ليصنع بها الفداء ثم يلقيها لنا مرة أخرى، بل هو اتحاد أبدي يترجم محبته الأبدية لنا. لذلك، فنحن الآن الذين آمنا وقبلنا السيد المسيح- صرنا أولاد الله”وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه، الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله ولدوا”(يو1: 12 ،13) وبما أننا صرنا أولاد الله فنحن بالحقيقة أهل بيته هنا في الكنيسة في الزمن الحاضر، وأيضا في الأبدية السعيدة، في الكنيسة المنتصرة.

  والكتاب المقدس مملوء بالوعود الإلهية لنا، مادمنا أهل بيت الله وأولادا له. على أن كل هذه الامتيازات لا ننالها بعيدا عن اتحادنا الكامل بالمسيح له كل المجد. فلابد لنا أن نعرف أن السيد المسيح كإبن للآب بالطبيعة، وكإبن للبشر بطاعته لمحبة الآب لنا، التي جعلته يقبل أن يتجسد ويصير عبدا ويضع نفسه بطاعته الكاملة للآب حتى الموت، موت الصليب، كل هذا أهله من جهة الآب أن يكون أمينا على أهل بيت الله “وأما المسيح فكإبن على بيته، وبيته نحن”(عب3: 6)… ولقد رفعه الآب وأعطاه اسما فوق كل اسم، على أن الله دعانا في المسيح لشركة مجده كما عبر عن ذلك الرسول”أمين هو الله الذي به دعيتم إلى شركة ابنه يسوع المسيح ربنا”(1كو1: 9).

  إن الهنا صالح لكل من يؤمن بابنه وكل من كان أمينا له. إنه يعد المدينة السماوية التي تليق بكرم  الرب لأهل بيته. من هذا المنطلق يخبرنا سفر العبرانيين عن أبطال الإيمان الذين أقروا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض، وكانوا يبتغون وطنا أفضل أي سماويا”لذلك لا يستحي بهم الله أن يدعى إلههم لأنه أعد لهم مدينة”(عب11: 13 16).

  ويكفينا هذا الوعد الإلهي العظيم في سفر الرؤيا”طوبى للذين يصنعون وصاياه لكي يكون لهم سلطانهم على شجرة الحياة ويدخلوا من الأبواب إلى المدينة”(رؤ22 :14)” من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضا وجلست مع أبي في عرشه. من له أذن للسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس”(رؤ3: 21 ، 22).

  ياأحباء الرب، إن كان هذا هو نصيبنا في الملك المسيح الذي تجسد ، وإن كان هذا حب الآب لنا وعمل الروح القدس فينا، فكيف نرضى بكورة الحنازير البعيدة؟!، وكيف نرضى بعبودية إبليس والعالم والذات بشهواتها المميتة لنا؟!0 ألم يحن الوقت لنقوم ونرجع بتوبة صادقة إلى حضن الرب الذي أعد لنا كل الأمجاد الأبدية في بيته السعيد؟! هيا لنملك مع مسيحنا وننال ميراثنا معه، هذا الميراث الذي أعده لنا قبل تأسيس العالم(مت 25: 34) وهو ميراث،“لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ لكم في السموات”(1بط1: 4).

  ياربنا يسوع المسيح ابن الله الحي، يا مولود بيت لحم، يامن ارتضيت أن تكون بشرينا هي بيتك بتجسدك وتأنسك،، تعال وامسك بأيدينا لنقوم من موت الخطية وأسر إبليس الذي سلمناه حياتنا بكامل إرادتنا، حتى تطهرنا وتغسلنا بدمك الكريم وتؤهلنا للدخول معك إلى بيتك، بيت الآب. اننا نثق في دعوتك لنا وصوت محبتك القائل”لستم بعد غرباء ونزلا بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله”(أف2: 91).  

 

Skills

Posted on

January 3, 2019

Submit a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Share This